العودة إلى الخرطوم.. رحلة التيه المعاصرة


 خاص -قناة كرري الفضائية

 
بدأت منذ فترة قصيرة ،بوادر الهجرة العكسية نحو الخرطوم عاصمة السودان ،وذلك بعد شهور من الاقتتال في شوارع العاصمة التي كانت تذخر بالحكايات.
الخرطوم ذات الجمال الخاص والتي تضاهي جنة رضوان كما امتدحها المغني ،ويبدو أن جنة رضوان الدنيوية تحتاج إلى قراءة ثانية للوصول إلي الاسم الصحيح.
فبعد خروج الملايين عنها نحو الولايات الأكثر أماناََ وبعد تجربة النزوح المريرة، عادت الخرطوم إلي الواجهة من جديد في موجات متقطعة من النزوح العكسي الذي يكتنفه الترقب والامل في التعايش مع المفاجآت واقلها الرصاص الطائش. 
أن الضغط النفسي الهائل الذي واجه جموع النازحين في الولايات تمثل في اتخاذ المدارس سكناََ للذين فقدوا كل شيئ، او ايجار المنازل بتكاليف غير مسبوقة حيث قفزت أسعار الإيجارات إلي٢٠٠%وانتعشت مهنة السمسرة في تلك الولايات إلي حدود الجشع والاستغلال .
العودة إلي الخرطوم التي هدأت المعارك في بعض مناطقها  ولسان حال العائدين إليها يلهج بإهزوجة محليه أطلقها النازحون أنفسهم (الدانه ولا الاهانة) وترمز الأخيرة إلي الذين استقر بيهم الحال مع بعض الأقارب ولم يستطيعوا عليهم صبراََ،  أو الذين يطاردهم غول الجشع الذي يطلقه أصحاب العقارات والسماسرة من مكاتب آيلة للسقوط أو تحت ظل شجرة تديرها بائعة شاى محاصرة من كساد التجارة وجلوس السماسرة طوال اليوم على مقاعدها المستأجرة  .
العودة إلي الخرطوم هي رحلة التيه  المعاصرة 
فهل تنظرهم المزيد من المعاناة ؟ ام أن السلام الداخلى اهم ،حتي ولو كان ذلك في منزل انهكته القذائف وصار ملاذاََ للقطط.    


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال